-A +A
حسين الحجاجي ـ جدة
يتعطل جهاز الحاسب فتحمله إلى محل الصيانة، ربما أشياؤك وشؤونك الحياتية حملتها في جوفه، ربما أزلت بعضها ومحوتها كما تظن من ذاكرة الجهاز، ثم تدع جهازك بين يد غريبة تتصفحه وتنقب في ذاكرته كما تشاء، هل فكرت في هذه المسألة ومدى خطورتها؟ وهل تعتقد أن الثقة تكفي لمنع هؤلاء من الاطلاع على أسرارك المخزونة؟
الحذف لا يكفي

ضيف الله علي الغامدي (27 عاما) قال: هناك من لا يعي جيدا التعامل الصحيح مع هذه الأجهزة، حيث يعتقد أن وضع أسراره الخاصة في ملفات وحذفها داخل الجهاز لا يمكن استعادتها، فيحضر جهازه المعطل وهو يظن أنه تخلص منها نهائيا، وأنه لا يمكن لأي عامل في مجال صيانة الحاسبات سحب تلك الملفات وبكل بساطة، آخرون يضعون برامج تشفير خاصة، ولا يبالون بإحضار أجهزتهم وهم لا يعلمون أن من صنع برامج التشفير صنع أيضا برامج لإلغائها، ومن المحزن أن البعض يتساهل حتى في وجود ملف يتضمن صورا لأسرته وأطفاله، بل إن بعضهم مثل العاملين في مجال (السكرتاريا) أو مديري المكاتب يحضرون أجهزتهم وبداخلها كل تعاميم ومستندات أعمالهم والموضوع هنا خطير جدا.
مضيفا هناك من البرامج ما يعيد لك كل محذوف حتى بعد عمل الفورمات ولا حل لإزالتها، إلا بتدمير ذاكرة الجهاز وتحطيمها أو حرقها.
هذه المسائل تغيب عن فهم الناس، ومن هناك تحدث بعض المشاكل للآخرين نتيجة لهذا التساهل.
يقول بلال محمد (22 عاما): إن هناك من يأتي بجهازه متضمنا الكثير من تلك الوثائق، إلا أننا في مجال الصيانة نبلغ أي شخص وقبلما أن نستلم الجهاز بأن يزيل كل أشيائه الخاصة، ومع ذلك لا وقت لعامل الصيانة أصلا لكي يتصفح جهاز الحاسوب، تخيل أن العامل أحيانا لدية ما يقارب الـ 30 جهازا ومطلوب منه تسليمها خلال 24 ساعة، لهذا لا وقت لديه حتى يتصفحها، كما أن المسألة بالدرجة الأولى مسألة ضمير وأخلاق.
ويشاطره إسلام السيد (34 عاما) الرأي قائلا: أعمل في مجال صيانة الحاسبات ولا تسمح لنا ظروف العمل بفتح الأجهزة، فغالبا ما يطلب أصحاب هذه الأجهزة عمل (فورمات) لأجهزتهم، ولهذا لا يعنيني أبدا أن أعرف ما بداخل الجهاز، المهم عندي أنهي عمله وبسرعة، ناهيك عن أن تركيب البرامج يتطلب وقتا طويلا.
هناك من لا يخاف الله
عبد المنعم سعد الحربي (28 عاما) يقول: في بداية تعاملي مع الحاسبات عملت في محل كان يوجد به عامل صيانة أطلعني في يوم ما على جهاز شخص أحضره لزيادة ذاكرته، فما كان من ذلك العامل إلا أن اطلع على كل المواقع التي تصفحها صاحب الحاسوب في (الإنترنت) بل تمكن من سحب العديد من الملفات التي كان الرجل يحتفظ بها في ملفات مخفية، هذا الموقف الذي حدث معي قبل حوالي تسعة أو عشرة أعوام، جعلني أصر على أن أتعلم إعداد جهازي، لهذا أصبحت أتقن ذلك جيدا، وأمنع أي قريب أو صديق من حمل جهازه لأي عامل صيانة متبرعا بالصيانة بنفسي، وهذا لا يعني أبدا أن كل العاملين في تلك المحلات هم من الفضوليين.
ويقول عمر صالح باهبري (33 عاما): من أراد التخلص من جهازه نهائيا لا يفترض أن يفكر في بيعه، ذلك أنه ربما حمل عليه في يوم صورا لأسرته أو مستنداته الخاصة، وهناك من يبادر للذهاب به إلى الحراج أو غيره ثم يتخلص منه بالبيع كخردة أو غيره، يفترض أن لا ينسى أن هناك ذاكرة يحملها الجهاز حتى ولو تعطل عليه أولا أن يتخلص منها نهائيا، لهذا لا يستغرب مثل هذا الشخص المتساهل أن يجد في يوم أموره الخاصة في موقع (اليوتيب) أو على صفحات (الإنترنت)، وأذكر أن أحدهم أحضر جهازه وكان يوجد به ملف كامل لحفل عرس خاص بأحد أولاده وهناك صور لبطاقة الأحوال والرخصة واستمارة سيارته.
مضيفا: ألا يعتقد مثل هذا الشخص أن هناك من يمكن أن يستغل مثل هذه المستندات في مسائل بعيدة عن الأخلاق والضمير، المشكلة أننا نسمع ونقرأ بشكل يومي عن مشاكل وقعت للكثيرين سواء بتزوير بطاقات الأحوال واستغلالها بنفس اسم صاحبها أو غيرها، ومع ذلك يأتي أحدهم بجهازه وفيه صورة لأوراقه الخاصة.
قصائد وأرقام
ويؤكد أحمد موسى القحطاني (33 عاما) على ذلك بقوله: حدث أن تعطل (الهارديسك) فذهبت إلى محل للصيانة وهناك وضع لي عامل الصيانة (هارديسك) مستعمل سحبه من جهاز تالف، وعندما حملت الجهاز وتفحصته استغربت أن وجدت (الهارديسك) محملا بالكثير من الملفات الخاصة التي تعود لصاحبه، أشعار غزلية ورسائل غرام ومستندات وأرقام هواتف وغيرها تعود لصاحب الجهاز القديم، والحقيقة أنني لم أتردد في الاتصال على رقم هاتفه وأبلغته من باب أن ينتبه لمثل هذه الأمور مستقبلا.